كي يبقى أبناؤنا شركاءَ في بناءِ مستقبلنا ونهضة مجتمعنا
لا يغيب عن الأذهان دون أدنى شك أنَّ الأبناء الأيتام هم أولاً وأخيراً أبناؤنا، ومن نتاج مجتمعنا؛ نشأتهم بيننا، هواؤهم هواؤنا، طعامهم طعامنا، ثقافتهم ثقافتنا وانتماؤهم انتماؤنا.
إنهم جزءٌ من أطفال الوطن ومن شبيبته الناشئة. بيد أنَّ حدثاً حزيناً وكبيراً طرأ على حياتهم فغيَّر مجراها وأفقدهم عمود بيتهم وربَّ أسرتهم، فتركهم حيارى، سبُلهم شتى، بصيرتهم ضبابية، وسندهم غائب. ومعلوم ما لهذا الحدث من أثر سلبي كبير في حياة الطفل اليتيم، من جانبين: مادي ومعنوي تربوي ونفسي.
وعليه، ما نسعى له نحن في «التمكين» هو إعادة تأهيل الطفل اليتيم كي يتجاوز محنته ويتخلص من شوائب حزنها ومخلفات صدمتها، ويعود طفلاً حيوياً متفاعلاً ومنتجاً في بيئته الاجتماعية والأسرية والمدرسية.
وهذا المسعى ليس حكراً علينا وحدنا كمؤسسة، بل هو مسؤولية يتقاسمها أطراف منها نحن، ويشاركنا فيها الطفل اليتيم نفسه في مدى تفاعله وتجاوبه معنا، والأهم المجتمع نفسه بمؤسساته وأفراده ومدى الإسهام معنا في إعادة دمج اليتيم بالمجتمع كي يبقى متزناً اجتماعياً، سليماً نفسياً، مستقيماً تربوياً.
وكي نعمِّق حضور وتجذُّر اليتيم في بوتقة مجتمعه ونضعه على عتبات مستقبله لا بدَّ لنا من تمكين ارتباطه بتراثه وفي ذلك رصٌّ لحلقات الماضي مع الحاضر في وعي الطفل اليتيم كي يسهم في إنتاج مستقبل مشرق له ولمجتمعه.
إنَّ لتعزيز روح الانتماء الوطني لدى الطفل اليتيم أثرٌ كبير ومحوري في جعله فرداً بنّاء ومعطاءً؛ في الحياة العامة وكذلك في حياته الأسرية الخاصة، ولهذا فإن مشاركة الطفل اليتيم شأنه شأن باقي الأطفال في البرامج والأنشطة والمناسبات الوطنية والعامة هو أمرٌ مهمٌّ وفاعل، والشعور بالفرح والحبور خلال ذلك هو شعور معزِّزٌ لذاك الانتماء الوطني ومُرمِّمٌ لنواقص الاندماج بالمجتمع، ومُصحِّحٌ لوجهة الالتصاق بوهج التراث الوطني الحميم.
تلك غاياتٌ بنينا عليها رؤانا.. وتلك مسؤوليتنا معاً أفراداً ومؤسسات.. وتلك أمانة في أعناقنا، ومن آدابنا تأدية الأمانة ونيل المطالب ما استطعنا إليها سبيلا..
والله المستعان
جميلة بنت محمد القاسمي
مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الانسانية